هوس الماضي المتكرر

Lucid Dream

Lucid Dream

بين ذبذات عقلي التائهة، يتجول ذلك المنزل العتيق.

الماضي يخنقني، الذكريات تزداد حدتها حتى أكاد أنسى وجودي. بصيص أمل غير واضح هناك، رغمت نفسي بلحاقه دائمًا، ملهوفة محنوقة، لا أرجو شيئًا في هذه الحياة سوى فقدان ذاكرتي، أو ربما، لا أرجو شيئًا البتة.

أعيش ماضيًا ينسيني حاضري ثم أعيش حاضرًا ينسيني وجودي. حين أنسى أبلغ هنا أعلى مستويات السعادة، حتى أتذكر وجودي بين الحاضر والمستقبل والماضي.

ليست الأزمان سوى مسمى آخر للماضي.

الماضي هو وجودنا، يعيد نفسه دائمًا، مرارًا وتكرارًا، في كل مرة يزداد شراسة ليتحضر لانفجار فظيع ينهي جميع الأزمان.

عندما أحاول أن أعي مدى إدراكي بالزمن يتلاشى حينها كل شيء، نحن عبث. مجرد انجراف آخر لأفكاري. مامن غاية.. تقطع هذه الأفكار موسيقى سيطرت على انجرافي بكل رقي، تُهديني الكثير جدًا، حتى تنقطع فأستانف ذكرياتي السحيقة.

بين هذه الدوامة، تُكتم أنفاسي.

سأذهب لهذا المنزل اللعين، سأذهب لأسترجع كل الذكريات العالقة التي أعيش بداخلها كسجينة. لعلها تتوقف عن الانشغال فلم يعد لتلك الحياة وجود، الماضي لا شيء ثم لاشيء، الماضي وجود منفي، نحن منفيون هناك؛ إذًا نحن نتلاشى.

أستغرقت الكثير حتى أصل إلى منزلي السابق بينما كنت قد ضللت الطريق مرارًا عديدة، كأنما الأمل هو من أرشدني.

ها هو أمامي بكل رُقَعِه، لا أعلم ما تعنيه هذه الرقع ولكني كنت دائمًا أتخيلها حزينةً لألوانها البهية.

أدخل، أتجول في داخل المنزل بلا إدراك كأنني مجبرة على رؤية جثة لشخص لطالما كرهته.

أتناول كأس ماء من جدي المتوفي لأعيش في الماضي بعيدًا عن عقلي وكل أعباءه المتراكمة.

مسلمةً نفسي لهذا الماضي، لا أقوى مستقبل به ماضٍ آخر.

لأعيش بين أعين جدي الشاردة الميتة، قد ابتعدنا كثير البعد عن كل منفذ والمنافذ هي الحياة، نحن بداخل نافذة موصدة مصدأة متسخة شديدة الإتساخ، حيث أغيب عن نفسي قليلًا.

أمقتك يا جدي وسأمقتك، انتظرت الكثير، وبت خائفةً، الخوف تملكني، أنا الخوف وهو أنا. 

أتوسل إليك أن تدعني وشأني، ولست متأكدة،أدمنتك. رغم كونك زائرٌ أشد غلظةً علي من أن أحملك دائمًا.

ثم أقف خالية، مجردةً من كل شيء،من مشاعري وعقلي. قد وصلت غايتي، حيث لا أتذكر جدي ولا يتذكرني.

______
TEXT:
BADRIYAH SALEM
SAUDI ARABIA

ART:
SHAMSA RZ
UNITED ARAB EMIRATES